تعاطفاً مع أم عزة

تعاطفاً مع أم عزة
قصة ساخرة عن حال بلادنا وشعبها
رقيقة هي , جميلة , مرحة , ضاحكة , خفيفة الظل وخفيفة الحركة تجدها في كل وقت وكل مكان , في الخير تجدها وفي الشر تراها مدافعة عن الصديق والحبيب ضد العدو الغاشم الذي يتربص بهن.
رمز الرجولة برغم أنها أنثى , رمز الكرامة برغم عملها في السوق التجاري الشعبي بشارع السوق بباكوس.
وبرغم هذا وذاك تعاطف معها الجميع!!!
للشهامة والرجولة والكرامة اسم واحد (أم عزة) ، لا يعرف اهل السوق حتى الآن اسمها الحقيقي فبات اسم أم عزة الشهرة والاسم في نفس الوقت.
الحكاية والقضية بدأت عندما طلبت من السيد الوزير المحافظ تخصيص دكان لها في شارع السوق لكي تبيع فيه وتشتري بدلاً من أن تقف أمام النواصى و أسوة بما فعل مع أم فاطمة وأم غادة وأم عفاف، وهم الباعة المرافقين.لأم عزة ، وبرغم هذا لم تكن تحمل ضغينة ولا حقد بعدما وافق الوزير المحافظ على تخصيص زاويتين لهم.
وأم عزة لمن لا يعرفها بائعة الشاي في السوق ، وبائعة الجبن القريش وبائعة الخضراوات وبائعة أي شئ يخطر على بالك في حلال ، وبرغم القليل الذي تربحه والذى يسد جوعها عفيفة وشريفة وصاحبة حق ، لكل مظلوم.عمرها لم يُعرف برغم كبر سنها الواضح ورغم ذلك تجد الشباب ظاهر بين عينيها.
عندما يشتد عليها المرض لا تجد من يساعدها على الذهاب الى الطبيب الذي يداوي جراحها، أحبها الناس في الشارع والبلكونات والنواحي والازقة الضيقة في شارع السوق، لحبها لأطفالهم وخوفها عليهم من السيارات المسرعة في الطريق.
لم يوافق المحافظ في المرة الأولى بحجة عدم تقدمها قبلاً لحجز الدكان.
فما كان منها إلا أن اعتصمت في قارعة الطريق، صائمة عن الطعام والشراب حتى الموت على حد قولها.
فزاد إعيائها وضعفها بسبب الأكل والشراب ، حاولوا إثنائها عن ذلك أبت وقالت لكل فرد حق فى ا لمطالبة المشروعة ولقد وافق على منح غيره محلات، فلماذا أنا لا يعطينى دكاناً صغيراً.
وبعد أسبوع كامل من الاعتصام والصيام والاحتجاج ، جاء الفرج الذي لم تتوقعه ، حضرت كتيبة من الأمن المركزى لمحاصرة أم عزة وبضاعتها القليلة ، بحجة تكدير الرأي العام وإثارة البلبلة وقلب مزاج الوزير المحافظ. ورئيس الحى
وحاولوا بشتى الطرق أن يعيدوها الى رشدها، لكنها رفضت فما كان منهم ألا أن أخذوها إلى مديرية الأمن وألقوها في السجن تحت تتعلم الأدب.
لكن إصرار أم عزة على المطالبة بحقها، دفع بعض الشباب من المحامين في الدفاع عنها وعن حقوقها المشروعة وأصدر المحاميات الشابات بياناً مطالبين الوزير الانسان بتخصيص هذه الدكانة الى الحاجة/ أم عزة، وبات اسمها مرتبطاً بهذه القضية في تلك المنطقة التى لم يسمع عنها أحد غير أهلها القاطنين بها.
وجاءت الوكلات والجرائد والاذاعات للتسجيل مع أقاربها وأصدقائها وأهل الشارع الذي تسكن فيه فما كانت الا مفاجأة منهم الا أنهم أخبروا الوكالات والجرائد أنها لم تسكن في منزل فقط ، ولا يوجد لها أقارب أو معارف وأن أهلها هم أهل الشارع والنواحي والسوق، وأنها لم تلد قط لا إبناً ولا بنتاً.
وبعد ضغوط من الصحافة والرأي العام لقضية أم عزة وافق المحافظ على تخصيص قطعة صغيرة من الأرض في السوق لتبنى عليها كشكاً صغيرا تبيع وتشتري فيه فلم يعجب أهل السوق بهذا الفرمان ، فقرروا تقسيم شارع السوق الى نصفين نصف عند أم عزة لمجاورتها والعيش بجانبها وهي التى رفعت رأس المنطقة عالياً والنصف الثاني بقى كما هو في شارع السوق.
هكذا أصبح لأم عزة مزاراً سياحياً ووفوداً نسائية من مختلف الجمعيات الخيرية والأهلية للسؤال عنها وأصبح لأم عزة أبناء وأخوات وأحفاد وأصدقاء من كل فئات المجتمع، وبات معروفا الآن شارع السوق باسم شارع الكرامة لصاحبته الحاجة لأم عزة
وهكذا نجحت أم عزة في جعل الشعب السكندري يتآلف مع شخصية واحدة فقط جمعت القلوب حولها حول قضية مطالبة بالحق المشروع.
تحية لأم عزة رمز الكرامة والشجاعة والصمود فما ضاع حق وراءه مطالب.
مثلما تعاطفنا مع أم عزة متى نتعاطف مع عزة نفسها ونُفك حصارها ونعمر بيتها الله يعمر بيوتكم.والحدق يفهم