أنا البرادعى يا حسنى


أثار إعلان محمد البرادعي نيته ترشيح نفسه للرئاسة المصرية بشروط، جملة ردود فعل رسمية وشعبية، كما فتحت هذه الخطوة غير المتوقعة من المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية الباب على مصراعيه للتساؤل عن مستقبل الحكم في مصر، لا سيما أن بيان البرادعي يأتي في وقت تبحث فيه المعارضة المصرية عن مرشح قوى يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة أمام مرشح الحزب الوطني.

في الوقت الذي أكد فيه خبراء استحالة ترشح المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي غادر منصبه مؤخرا, في انتخابات الرئاسة المصرية المزمع عقدها في عام 2011, نظرا لصعوبة تحقيق الشروط التي وضعها في البيان الذي صدر أمس من مكتبه في فيينا, ولاعتبارات إجرائية أخرى تتعلق بشروط المادة 76, إلا أنهم أكدوا أن بيان البرادعي يساهم في فضح النظام والفساد السياسي وفي مصر أمام العالم.
وقال الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية في تصريحات خاصة لإيلاف ان "بيان البرادعي على الرغم من حالة الاستغراب في مصر من الشروط التي وضعها, إلا ان البيان يكتسب قيمته من واقع انه صدر من شخصية لها وزن وتحظى بتقدير واحترام دوليين, ويساهم في فضح النظام المصري وتعرية الفساد السياسي الموجود في مصر أمام العالم".
شروط البرادعيواشترط البرادعي في إزالة العوائق الدستورية والقانونية المقيدة للترشح وضمان الرقابة الدولية على الانتخابات مع وجود ضمانات بعملية انتخابية نزيهة، معلقا قرار ترشحه على مدى الدعم الشعبي لهذه الخطوة.
وطالب البيان الذي يعتبر أول تصريح مباشر حول ترشحه أن "تجرى العملية الانتخابية التشريعية والرئاسية على غرار المعمول به في سائر الدول الديمقراطية المتقدمة منها والنامية، في إطار ضمانات تشكل جزءا لا يتجزأ منها".
وإنشاء لجنة قومية مستقلة ومحايدة تتولى تنظيم كل الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية لضمان نزاهتها، والإشراف القضائي "الكامل غير المنقوص" على الانتخابات، وتواجد مراقبين دوليين من الأمم المتحدة لإظهار شفافية الانتخابات، مع تنقية الجداول الانتخابية "لتكون صادقة وكاملة".
وقال: "إذا ما قررت الترشح لهذا المنصب الرفيع, فسيكون ذلك إذا ما رأت الغالبية العريضة من أبناء الشعب المصري بمختلف انتماءاته أن ذلك سيصب في مصلحة الوطن". وطالب "بوضع دستور جديد يقوم على كفالة كل الحريات وحقوق الإنسان المتفق عليها عالميا".
وكذلك "يقوم على إحداث التوازن والرقابة المتبادلة بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى, وأن يضع إطارا لنظام سياسي واقتصادي واجتماعي يمكّن جميع المواطنين من المشاركة بموجب مبدأ تكافؤ الفرص، ويحمي الأقليات".
على المقاس العائلي فقطوقال منسق حركة كفاية إن الشروط التي وضعها البرادعي للترشح في انتخابات الرئاسة المصرية تعتبر الحد الأدنى من الشروط الواجب توافرها في مصر، "لكن ترشيحه مستحيل"، بحسب قوله.
مبررا ذلك بالقول إن "قصة الانتخابات في مصر انتهت في 26 مارس 2007, حيث انه لا يمكن للبرادعي أو أي مرشح مستقل الترشح على منصب الرئيس "إلا أن ينتمي إلى عضوية الهيئة العليا في أحد الأحزاب أو أن "يجلب لبن العصفور" وهي توقيعات 250 عضوا من المجالس النيابية والتشريعية و المحليات".
وتضع التعديلات الدستورية التي أجريت على المادة 76 في مارس 2007 قيودا تعتبرها المعارضة "صعبة " أمام ترشيح المستقلين للرئاسة، حيث تقضي المادة حصول المرشح على منصب الرئاسة على توقيع 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات.
لكن على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل.
وتستثني المادة المعدلة من الشروط السابقة الأحزاب التي مضى على تأسيسها 5 أعوام متصلة قبل إعلان فتح باب الترشيح واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة خمسة في المائة على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى، فيحق لها وفق نص المادة "أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفق نظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل".
ويرى عبد الحليم قنديل أن هذه المادة تم تفصيلها على "المقاس العائلي فقط" مشيرا إلى جمال مبارك نجل الرئيس وأمين السياسات في الحزب الوطني الحاكم, وقال إن "تحقيق الشرطين في يد الحزب الوطني الحاكم, الذي يسيطر على أغلبية البرلمان بغرفتيه الشورى والشعب والمحليات، ولجنة شؤون الأحزاب الجهة المنوط بها مراقبة الأحزاب بالموافقة أو إلغاء أو تجميد نشاطها. "ولذلك لا يمكن أن نتوقع موافقة اللجنة على ترشيح الأحزاب لمرشحين من الهيئة العليا يتمتعون بشعبية في الشارع", ولا نتوقع في الوقت ذاته أن يقبل البرادعي بدور "كومبارس".
وقال قنديل إن "الحل أن يقوم النظام بإنشاء دستور جديد وهو ما لن يحدث أبدا لان النظام لو قرر أن يأخذ هذه الخطوة فانه سيقوم بإعدام نفسه ولم نر أبدا في التاريخ أن قام نظام بإعدام نفسه بل يقوم بإعدامه آخرون".
ترحيب وانتقاد خيبة أمل ويأتي بيان البرادعي في وقت تبحث فيه المعارضة المصرية عن مرشح قوي يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة أمام مرشح الحزب الوطني. وتلقى البرادعي دعوات من قبل أحزاب وحركات اجتماعية للانضمام إليها في الفترة الأخيرة مثل حركة "مصريون من أجل انتخابات حرة نزيهة" التي أعلنها منسقها المستشار الخصيري انه سيوجه خطابا للدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لدعوته للانضمام إليها، "من أجل تعديل المواد 76 و77 و78 من الدستور، ليكون مرشحاً شعبياً تلتف حوله القوى الوطنية والشعب المصري، بدلا من الترشح عبر حزب معين " بحسب الخضيري.
بيد أن شروط البرادعي قد تبدو مثيرة لخيبة الأمل بين قوى المعارضة التي تهدف إلى البحث عن مرشح قوي ضد الرئيس مبارك أو نجله أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني جمال مبارك, حيث اعتبرها الفقيه الدستوري يحيى الجمل بأنها بمثابة رفض وعدم رغبة في خوض الانتخابات لأنه "وضع شروطا مستحيلة".
وسبق أن طالب الدكتور حسن نافعة منسق الحملة المصرية ضد التوريث جميع القوى السياسية بان تبحث عن وسائل وطرق لتمكين البرادعي وغيره لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة . ودعا نافعة جميع الأحزاب والقوى السياسية إلى الالتفاف حول مرشح واحد لخوض الانتخابات الرئاسية أمام مرشح الوطني.
ولا يبدو أن المعارضة ستنجح في حشد الالتفاف الشعبي حول المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية , نظرا لعدم امتلاكها قوى التأثير في الشارع المصري من ناحية , وعدم اهتمام النسبة الأكبر من الشعب بالسياسة وفقا لدراسة حديثة انتهت إلى سيطرة القضايا الاقتصادية على اهتمامات المواطنين وأن 50% من الشعب لا يعير السياسة اهتماما.
ويواجه البرادعي انتقادات من قبل خبراء يعتقدون أن اختيار مرشح الرئاسة لا يجب أن يكون على أساس التفوق في المجال العلمي والمهني. "النجاح في المجال المهني شيء، ورئاسة الجمهورية شيء آخر"، وفقا للباحث في الشؤون السياسية طارق عثمان, مضيفا لإيلاف أن "من الأجدى لمنصب رئاسة الجمهورية, الذين خاضوا تجربة العمل السياسي ويحملون في الوقت نفسه مشروعات سياسية للتغيير".
يذكر أن الرئيس مبارك لم يحدد موقفه بعد من الترشح في الانتخابات القادمة, ويكتفي جمال مبارك في الإجابة على الأسئلة حول خلافته لوالده بالقول "إنها أسئلة افتراضية" إلا انه يسود اعتقاد واسع وسط المعارضة بان خطة توريث الحكم بدأت, وعزز هذا الاعتقاد الصعود السريع لجمال مبارك المصرفي السابق إلى منصبه البارز الحالي في الحزب الوطني

ليست هناك تعليقات: