هل ماتت قضية خالد سعيد



هل ماتت قضية خالد سعيد

بقلم ياسر حسن

بعد أن شغلت الرأى العام لمدة ثلاثة اشهر كاملة فى مقتل شاب فى عمر الزهور ،أثارت ردود فعل شديدة حول شبهة مقتله على يد نظاميين فى قسم سيدى جابر بالاسكندرية ،وبعد استبشرنا خيراً بأن العدل سوف يأخذ مجراه. عادت ريمه لعادتها القديمه ويبدوا أن عطلاً مفاجئاً قد أصابنا فلم نعد نسال عن هذا النموذج الذى حدث فى مصر من قتل وتعذيب وإهدار لدماء مصرية دون ذنب.
حيث اشارت منظمات حقوقية عديدة ان الوفاة ليست طبيعية وانما مدبرة فيما نفي بيان رسمي من وزارة الداخلية الرسمية ان تكون الوفاة غير طبيعية مؤكدين على ان الشاب توفي بعد تعاطيه لقطعة حشيش !
فى الوقت الذى امر فيه النائب العام المصرى الى اعادة استخراج جثة خالد سعيد واعادة تشريح الجثة من جديد بمعرفة ثلاثة من الاطباء الشرعيين المستقلين لمعرفة سبب الوفاة والتى أودت بحياة خالد سعيد .كل هذا جميل ولم يعد ينفعنا، المهم ما هى الفوائد الت حدثت بعد القضية ووقتها.
إذاً فلماذا ماتت قضية خالد سعيد برغم عدم انتهاءها ، وهل ستكون مثل قضايا اخرى حدثت فى مصر وكتب عليها الغلق العمد مع سبق الاصرار على موتها.وهل كما يقولون عنا أننا ننسى سريعاً ، وأننا نلتهى فى أكل العيش والحياة الصعبة.
ان النموذج الذى حدث فى مصر من انتفاضه لجموع الشعب المصرى مسلمين وأقباطاً ، يساريون وتيار إسلامى ما هو الا عنوان لما سّمى بالانتفاضة المتأخرة التى كانت تلزم الشعب منذ أزمنة .
ان طرح الأسئلة سهل ،لكن الأجابة عليها أصعب .ما الفتور الذى حدث للمصريون بعد العاصفة القوية التى كادت تحدث موجاً من التغيير الجذرى لولا براعة الداخلية والامن فى تمويت القضية .

إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بـد لليـل أن ينجلـي
ولا بد للقيـد أن ينكسر

هذه الابيات للشابى مات وهو يرددها لعل صوتاً يسمعه ،لقد حدثت فى مصر أمور لا يستطيع الفرد تفسيرها تجعلك تبحث ما مصلحة قوم يريدون أن يدمرو شعوبهم ،إن المشكلة التي تبدو للعيان حالياً هي أن هؤلاء الحكام يسعون لأن يخلقوا في شعوبهم الكثير ممن على شاكلتهم، أن يكونوا نموذجاً لهم، حينها تكون المصيبة أعظم والعذاب أطول والحياة أكثر إرهاقاً على البشر.

قضايا نسيها الشعب

لعلك تتذكر محمد على عبد اللطيف أو ما يعرف إعلاميا بقاتل بنى مزار ووالذى أتهم فيها بقتل 01 أشخاص قام خلالها ببتر الأعضاء التناسلية سواء للذكر أو للانثى أصبح بعدها محمد على رد سجون أنتهكت فيها كرامته وعومل فيها مجرم برغم عدم ثباتيته للجريمة بالأضافة إلى تحديد إقامته فى منزله بوضع 5 جنود ومخبرين سريين وثلاثة أمناء شرطة حتى لا يهرب !! فجاء الحكم التاريخى لمحكمة النقض ببرائة محمد من قتل 10 أشخاص وخرج وبقي الجانى مجهول!!! فلماذا لم تخرج اجهزة الامن بعد ها وتعلن ان محمد برئ وانها تعتذر وتمنحه بدل سجن لكن للاسف ماتت قضيته

وهل تتذكر محمود العيسوى الذى حكم عليه بالاعدام بعد ان أتهم بقتل هبه ونادين ابنة المطربة المغربية المعروفة ، ظل العيسوى محبوساً لعامين وبعدها حكم عليه بالاعدام والخبراء يقولون ا ن محمود راح ضحية وشال الموضوع من بابه والجانى هارب حتى الان فلماذا لم يتفاعل الشعب مع محمود العيسوى مثلما تفاعلوا مع محمود ولماذا قتل محمود ظلماً رغم كل الاشارات التى تقول أنه برئ.

وكانت قضية أخرى للفنانة سعاد نصر والتى حقنت بجرعة زائدة من المخدر أصابها بالشلل ثم ماتت فى غرفة العمليات ، الكل تفاعل معها والكل بكى عليها ،ثم هدأت العاصفة ولا شئ بعد ذلك.
إن الشاهد من الموضوع أن الشعب المصرى بطبيعته وفطرته ينسى طالما كان هناك جديد يغيب معه ، علينا أن ننظربموضوعية الى تلك القضية الشائكة على أنها قضية كل مصرى غيور ، وأنه لم يكن خالد سعيد لكان هو مكانه فى المشرحه .

ان صورة خالد سعيد وهو ملقى فى المشرحة بتلك الصورة البشعة دليل ادانة لوحده على ديكتاتورية فرعون ، اذكر قضية مشابهة وهى كالتى حدثت لحمادة عبد اللطيف فى الاسكندرية منذ سنوات وهى الاحداث التى عرفت بإسم مدرسة الجزيرة بالاسكندرية حيث هتك جسد حمادة من قبل جنود الامن المركزى يدعمهم مأمور القسم وضابط بالقسم ،وكان حمادة بين الحياة والموت وبعد مرور سنوات على القضية مازال يتلقى العلاج الطبيعى من التهتك الذى اصيب به فى العمود الفقرى وقطع فى النخاع الشوكى ونسيها الشعب مثلما نسى مئات القضايا المماثلة.

ان لحظات البكاء التى انتابت والدة خالد سعيد عقب مقتله وهى تقول (عاوزه ابنى يرجعلى ) لحظات لربما لاتكتب وإنما تشاهدها دون تعليق .

اذا ما الذى ينتظرونا ؟

انتظر منك الاجابة ولاتقل (الله يرحمه مات وارتاح) وهى حقيقة أن الله اراحه من المصائب واختصه، ولكن لا اريد ذلك فقط منك فلقد طرحت حادثة خالد سعيد سؤلاً مهما علينا هل هو المصير المرتقب لنا نكون مثل خالد سعيد أم التغيير المنتظر .

ما يحدث في بلدنا وما حدث لخالد لا يقبله اي دين سماوي ومهما إختلفت عقاءدنا فنحن مؤمنين بمولى واحد لا يقبل الظلم ويدعوا للعدل.دعونا نستمر في التفافنا حول بعضنا في مواجهة العدو الحقيقي دعونا نرجع لمحبة بعضنا بعض دعونا نتمسك بفكرة ان كل مظلوم هو اخيك واخى و هو ابنك وابني سواء كان مسلم او مسيحي دعونا نأخذ خالد كنموذج مشترك لنا فتكون بيننا صلة قرابة لا يدمرها اي اختلافات.

لكن من المؤسف المزعج حقا أن حكومات تلك المنطقة تعلم هذه الحقائق علم اليقين بأن ما تفعله فى المواطن خير وسيلة للدفاع و لكنها للأسف قد تعين على تنفيذ هذة المخطط فى جهل أو سمها غفلة أو قل عجز أو عمد!
و يستغرب القارئ ما مصلحة هذة الحكومات فى هذا الموقف المتشدد تجاه الشعب، فاذا بحثت لاتجد علة يقبلها عقل او منطق او حكمة بل لقد بلغ امر هذة الحكومات الى الاعتقال كلما قامت مظاهرات أو حدثت مناوشات.
إن تلك الحكومات تقف من شعوبها موقف الاسد الهصور تشد ستار السواد على كل ثقب يضئ جنبات الحرية و الاصلاح.
إن قضية خالد سعيد لم تمت بالفعل لأن الشعب المصرى على ثقة كاملة بأن الحق سوف ينتصر وبأن هؤلاء الاصلاحيون لو اخذوا الامر مطلبا جماهيريا و باشرو مهنتهم بما يرضى الله و رسوله و مطالب الشعب لوجدو شعوبهم بأسرها تلبى النداء فرحة مستبشرة بما حدث من اصلاحات و تطورات

لعلي لا أجد فى هذا الزمان و فى تلك البلاد جريئاً يرفع صوته مع المصلحون , و نحن صادقون بأنه لا توجد ديمقراطية فى المنطقة على الاطلاق , و ان حكم الفرد هو السائد الامر الناهي فى كل النواحى من المنطقة العربية, ثم تجدهم يتحدثون بالاصالة عن نفوسهم و بالنيابة عن شعوبهم فى التهانى و التعازى و سائر المناسبات وما يخص المواطن المصرى.
وكأن هذا المسكين لا لسان له ليتكلم به ولا يدا يرفعها ليعلن بها ما لا يرغب فيه. ثم إذا مات لم يجد من يدفنه!
هل يمكن لأمة من الأمم , أو شعب من الشعوب ان يقبل على نفسه ذلاً اكثر من الذى يحدث وحتى فى تحديد مصائره
يالهول ماترى و ما سمع, و من العجيب ان الشعوب تعلم ذلك و لا تتعاطى و لا تتنفس ولاتستطيع المقاومة ,ثم اذا و قعت الواقعة تراهم يحدثون الاضطرابات و الاعتكافات ،كلهم طالبوا بالحقوق و قد استجيب لبعض متطلباتهم .

قضية خالد سعيد عنوانا لنا
هل من مستجيب
اننى اعرف نتيجة هذه الكلمات وإنني أخشى على كل حر يرغب فى الكلام عن نفسه من أن يحدث له كما حدث لخالد سعيد ومن قبله حماده عبد اللطيف ومن قبل محمد على عبد اللطيف وأكرم زهيرى، وممن تنفسوا تنفيسا.
لا اعلم هل من مجيب و هل من مستجيب لتلك الصرخات وحتى لا نندم بعد ذلك ولا يفيد الدمع على اللبن المسكوب.




ليست هناك تعليقات: