إننا حقيقة ننسى أن نبحث في دفاترنا القديمة ونبحث عن تاريخ أجل مما يقال أنه شيء لا بد وأن نصدقه ولا نصل إلى مردود فعلى أنه الواقع الذي يخشاه العلمانيون أن يحدث. بين يدي كتاب قلما تجد كاتباً يكتبه وهو موقن أنه سيتحقق ولا يخشى في الله لومة لائم، بين يدي درة قد أقلت عطراً يفوح بامتداد العصر ولا نبحث عنه، المستقبل لهذا الدين للمفكر سيد قطب يبحث فيه عن أمر نريده اليوم ولا نستطيع أن نقوله لأنه الواقع الذي سوف يحدث طالما مررنا بالعدل والإحسان والتقوى، المستقبل لهذا الدين حقيقة مرة وواقع أليم على فئة المضللين الذين لا يرغبون في إقامة العدل والحق المبين. يقول سيد قطب إن البشرية قد تمضي في اعتساف تجارب متنوعة هنا وهناك- كما هي الآن ماضية في الشرق وفي الغرب سواء- ولكننا نحن مطمئنون إلى نهاية هذه التجارب، واثقون من الأمر في نهاية المطاف.
إن هذه التجارب كلها تدور في حلقة مفرغة، وداخل هذه الحلقة لا تتعداها- حلقة التصور البشري والتجربة البشرية والخبرة البشرية المشوبة بالجهل والنقص والضعف والهوى – في حين يحتاج الخلاص إلى الخروج من هذه الحلقة المفرغة، وبدء تجربة جديدة أصيلة، تقوم على قاعدة مختلفة كل الاختلاف: قاعدة المنهج الرباني الصادر عن علم (بدل الجهل) وكمال (بدل النقص) وقدرة (بدل الضعف) وحكمة (بدل الهوى).. القائم على أساس: إخراج البشر من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده دون سواه.
وحين يتقرر أن الإسلام هو - وحده - القادر على إنقاذ البشرية مما يحدق بها من أخطار ماحقة، تدلف إليها مقودة بسلاسل الحضارة المادية البراقة. وهو - وحده - القادر على منحها المنهج الملائم لفطرتها ولاحتياجاتها الحقيقية. وهو - وحده - الذي ينسق بين خطاها في الإبداع المادي وخطاها في الاستشراف الروحي. وهو - وحده - الذي يملك أن يقيم لها نظاماً واقعياً للحياة يتم فيه هذا التناسق الذي لم تعرفه البشرية قط إلا في النظام الإسلامي - وحده - على مدى التاريخ. (سيد قطب).
هذا ما قاله قطب منذ عشرات السنين أنه حين يتقرر هذا كله تتضح معه شناعة الجريمة التي يرتكبها - في حق البشرية كلها - أولئك الذين يوجهون الضربات الوحشية لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان - والذين يجندون قواهم كلها، لطمس معالم المنهج الإسلامي، ومواراته عن أعين البشرية المتطلعة إلى منقذ، المتلفتة على (مخلص)، وتنفيرها منه بشتى الخدع والتمويهات والأكاذيب!
نحن اليوم في مثل هذا الموقف بكل ملابساته، وكل سماته. مع الجاهلية كلها من حولنا 00 فلا يجوز - من ثم - أن ينقصنا اليقين في العاقبة المحتومة. العاقبة التي يشير إليها كل شيء من حولنا. على الرغم من جميع المظاهر الخادعة التي تحيط بنا!
إن حاجة البشرية اليوم إلى هذا المنهج، ليست بأقل من حاجتها يومذاك.. وإن وزن هذا المنهج اليوم - بالقياس إلى كل ما لدى البشرية من مناهج - لا يقل عنه يومذاك..
ومن ثم ينبغي ألا يخالجنا الشك في أن ما وقع مرة في مثل هذه الظروف لا بد أن يقع. ولا يجوز أن يتطرق إلى قلوبنا الشك، بسبب ما نراه من حولنا، من الضربات الوحشية التي تكال لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان، ولا بسبب ما نراه كذلك من ضخامة الأسس التي تقوم عليها الحضارة المادية.. إن الذي يفصل في الأمر ليس هو ضخامة الباطل، وليس هو قوة الضربات التي تكال للإسلام. إنما الذي يفصل في الأمر هو قوة الحق، ومدى الصمود للضربات!
أمر واحد يجب أن يكون في حسابنا.. إن أمامنا كفاحاً مريراً شاقاً طويلاً. لاستنقاذ الفطرة من الركام. ثم لتغليب الفطرة على هذا الركام.
كفاحاً مريراً يجب أن نستعد له استعداداً طويلاً يجب أن نستعد بأن نرتفع إلى مستوى هذا الدين.
أختتم الحديث بقوله الشيخ محمد متولي الشعراوي حينما قال الثائر الحق من يثور فيهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق