الستة المبشرون بحكم الامارات





في وقت تنتشر فيه العواصف السياسية، والاحتجاجات الشعبية، في المنطقة العربية، فإن الحديث عن مستقبل الخلافة في أي بلد عربي، يعتبر أمرا مستحيلاً، لن يجيده حتى العرّافون، وقارئوا الكف.

ودوما ما تعتبر قصة مستقبل الخلافة في أي من البلدان العربية، قصة يحيط بها الغموض، وتنسج حولها الأساطير، باستثناء دول الخليج التي تسير فيها الدول الغنية بالنفط، عبر مؤسسات تنظيمية، تضمن عدم تأثر السياسة العامة بأحداث الخلافة، وهذا ما يمكن أن ينطبق على الإمارات العربية المتحدة، كواحدة من هذه الدول.

وبعد وفاة الشيخ زايد بن نهيان، الشيخ المؤسس، لم يستغرق أعضاء الأسرة الحاكمة في أبو ظبي وقتا طويلاً، كي يتفقوا على تعيين ولي عهده الشيخ خليفة حاكماً، وأخاه محمد بن زايد ولياً للعهد، ليتم حسم طبيعة الخلافة في هذه الأمارة التي تحكم الأمارات، بأن يكون أفقياً لا عمودياً، ينتقل من أب إلى أبن وهكذا دواليك.

وحين توفي الشيخ زايد بن نهيان توجه أبنه الحاكم الجديد الشيخ خليفة إلى قصر والده، حيث تقيم الشيخة فاطمة بنت مبارك، السيدة الأولى في البلاد حينها، ونكّس علم الدولة، وكانت الأولى التي تتلقى التعازي في وفاة رفيق عمرها الذي أمضت معه أكثر من أربعين عاماً، شهدت خلالها بدء تشكل نواة الدولة الجديدة.

ولا تزال الشيخة فاطمة هي السيدة الأولى في البلاد، حيث تسمّى "أم الشيوخ"، كونها والدة ستة من المبشرين بالحكم، يمثلون الذراع القوية من آل نهيان، الذين يحكمون الإمارة الاتحادية، فيما تتصدر أخبارها صدور الصحف الأولى نتيجة لنشاطها الاجتماعي المتصاعد.
وفي أبو ظبي فإن مسيرة الخلافة، وبالتالي حكم الإمارات، خلال العقود الثلاثة المقبلة، ستكون محصورة في ستة من أبناء الشيخ زايد، وهم: محمد، وحمدان، وهزاع، وطحنون، ومنصور، وعبد الله.

ويأتي محمد بن زايد على رأس قائمة الستة من حيث الأهمية، كونه يقوم بمعظم الأعباء الداخلية والخارجية في البلاد، على الرغم من كونه الرجل الثاني في أبو ظبي، في دور يشابه ما كان يقوم به ملك السعودية فهد بن عبد العزيز، حين كان ولياً للعهد.

ويعتبر الرجل الأهم، الذي يتحلق حوله أخوته جميعاً، فتجد في المجلس التنفيذي في أبو ظبي، كلاً من: سعيد بن زايد، وطحنون، وحامد، الذي اختاره قبل فترة ليكون رئيساً لديوانه، إضافة إلى ذياب بن زايد رئيس دائرة الكهرباء، والمشهور بسيارته الممنوع قيادتها نهاراً، كونها مصنوعة من مادة تعكس ضوء الشمس.

ويحظى الشيخ محمد بن زايد بشعبية جارفة في الأوساط المحلية، وغالباً ما ينظر إليه على أنه رجل وطني، حريص على أن تلعب بلاده دوراً أكبر في الخليج، والعالم العربي، والعالم.

وربما تكون هذه الشخصية "الوطنية الإقليمية"، سبباً في دخول الإمارات في مماحكات خليجية مع عمان والسعودية وقطر، خلال العامين الفائتين، بغية تحقيق مكاسب حدودية، لكن شيخ أبو ظبي البراغماتي، أستطاع الانتقال إلى مربع جديد على رقعة الشطرنج، دون خسائر كبيرة، وكذا فعل الآخرون على الضفة الأخرى.

ويتوقع أن يحكم الشيخ، الذي يرفل في منتصف الخمسينات من العمر، بلاده بعيداً عن إطار مجلس التعاون الخليجي عملياً، بينما سيكون تركيزه على قضية الحدود، وخصوصاً الجزر المحتلة من إيران، من خلال مجلس الحدود، الذي يتولى رئاسته.

ولا أحد يعرف في أبو ظبي، لماذا قرر الشيخ استدعاء عشرة آلاف رجل من منسوبي شركة "بلاك ووتر"، الأمنية سيئة الصيت، إلا أنهم واثقون بأن شيخهم سوف يقودهم إلى ضفة الأمان، في عالم عربي ملتهب، وخليجي محتقن بالبطالة، والاحتجاجات.

ويتولى الشيخ حمدان رئاسة نادي الجزيرة، وكان رئيسا لاتحاد الإمارات لكرة القدم، حين صعد المنتخب الإماراتي لكأس العالم عام 86. وقد كان وزير الدولة للشؤون الخارجية لأكثر من 22 عاما، لكنه تخلى عن منصبه، وسلم ملف الخارجية لعبد الله، مثلما سبق وان سلم له ملف الاتحاد الرياضي لكرة القدم.


وبعده يأتي، من حيث الأهمية لا العمر، منصور بن زايد، وزير شؤون الرئاسة، وخازن أسرار شقيقه الأكبر الشيخ خليفة، كما أنه زوج بنت الشيخ محمد بن راشد، وأنجبت له طفلة اسمها فاطمة، على اسم والدته، ما ساهم في تعزيز التلاقح الإداري، والعائلي، بين الإمارتين، والأسرتين آل مكتوم وآل نهيان.


ولدى الشيخ الملياردير اهتمامات اقتصادية لافتة، حيث يعتزم التوسع في لندن، والعالم، من خلال شراء عدد من الفنادق العالمية المعروفة، والأندية الرياضية الشهيرة، إضافة إلى اهتمامه حديث العهد بالإعلام، وسعيه لإطلاق قناة "سكاي العربية"، كي تكون منافساً إخباريا جديداً، لقنوات الجيران المزعجة.
وعلى الرغم من الحظ السيء لمشاريع الشيخ منصور الإعلامية، خصوصاً الورقية منها، فإن مراقبين يعتقدون أن تشذ القناة الإخبارية الجديدة عن قاعدة الفشل، نظراً لأنه تم الإعداد لها بقوة، من خلال الاستفادة من خبرات إعلامية عربية، ودولية.
وضمن قائمة الستة، يأتي عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الحالي، ووزير الإعلام السابق، الذي قتل الوزارة بيديه، وكان أص

غر وزير للإعلام في العالم، حيث تولى الوزارة وهو في الثانية والعشرين من عمره، ولم يكن ينقصه الذكاء حينها، بل الخبرة التي لا تكتسب إلا بالعمر.

غير أن ملفات الخارجية الكبرى التي اضطلع بها عبد الله، كانت كافية لإشغاله عن الإعلام، رغم أنه لا يزال رئيس المجلس الوطني الأعلى للإعلام، بعد حل الوزارة. ويحب عبد الله الغرب، والموسيقى الكلاسيكية، والقراءة. وغالباً ما يكون أكثر الملمين من أعضاء الوفود المشاركة، بكافة التفاصيل خلال جلسات المباحثات الرسمية.

ويتولى هزاع رئاسة مجلس الأمن الوطني، وسبق له أن تولى جهاز أمن الدولة مرتين. ويعرف عنه ولعه بالألعاب القتالية.
أما طحنون، فقد كان رئيس الدائرة الخاصة للشيخ زايد، التي حلت بعد وفاته، مع توزيع التركة، وأصبح أكبر مستثمر في الإمارات، ويدير الكثير من المحافظ الاستثمارية التابعة لأسرة آل نهيان. ويعتبر أحد أهم الأشخاص في سوق الأسهم، إضافة إلى امتلاكه جزيرة الريم.
وخارج قائمة الستة يأتي الشيخان حامد وسيف، الذين من المتوقع أن يحظوا بمناصب مهمة في الأمارة. أما الشيخ عيسى بن زايد، الذي لا يزال رهن الإقامة الجبرية، فإن حظوظه السياسية قد انتهت إلى غير رجعة.

وفي حال ما لم يقم رجل الإمارات القوي، محمد بن زايد، بتغيير في هيكلة الحكم، يتيح له بأن يكون وراثياً لأبنه من بعده، فإنه من المستبعد أن يفعل أحد الشيء ذاته، لتستمر طبيعة الحكم كما هي خلال العقود الثلاثة المقبلة.

ومن المستبعد أن تتعرض الإمارة إلى هزة سياسية بسبب وضوح رؤية الأسرة لمستقبلها، إلا أن تقارب مستوى الخلفاء الستة، قد يجعل من نظام الحكم يوما ما، عرضة لداء الشيخوخ

ليست هناك تعليقات: