غلاف مجلة اكتوبر يتسبب بأزمة صامتة بين واشنطون والمجلس العسكري في مصر

قالت الولايات المتحدة إنها ناقشت مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يتولى حكم مصر مؤقتاً قلقها من تزايد "مشاعر العداء للولايات المتحدة" فى مصر.وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد اتهمت المجلس العسكرى بأنه وراء حملة المعاداة للولايات المتحدة من خلال تصريحاته المتكررة التى تتضمن إدانة وتخويناً للمنظمات غير الحكومية التى تقبل أموال المساعدات الأمريكية.وصرحت فكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية للصحفيين "دعونى أقول إننا قلقون بشأن هذا الشكل من أشكال المعاداة للولايات المتحدة التى تتسلل إلى الخطاب المصرى العام".وقالت نولاند "لقد أعربنا عن تلك المخاوف للحكومة المصرية، ونعتقد أن تصوير الولايات المتحدة بهذا الشكل ليس دقيقاً، كما أنه غير منصف".إلا إن نولاند حرصت على التأكيد على دعم واشنطن "القوى" للانتقال الديمقراطى فى مصر، وقالت "سنواصل دعم مصر".وكانت الولايات المتحدة اتخذت موقفاً حذراً عند بدء الثورة الشعبية فى مصر فى 25 يناير، إلا أنها ما لبثت أن دعمت تنحى الرئيس حسنى مبارك عن السلطة فى 11 فبراير ودعمت الانتقال إلى الحكم الديمقراطى
وزعمت وول ستريت جورنال، أن السلطة فى مصر تقف وراء إضفاء صفة الشر على السفيرة الأمريكية فى مصر آن باترسون التى تولت منصبها قبل عدة أسابيع.وفى عددها الصادر فى 31 يوليو نشرت مجلة أكتوبر على غلافها صورة باترسون وهى تستخدم الدولارات الأمريكية لإشعال ديناميت لف بعلم أمريكى زرع فى ميدان التحرير الذى شهد قيام الثورة، بحسب ما ذكرت وول ستريت جورنال.وقالت نولاند، إن الهجمات الشخصية على باترسون "غير مقبولة".وأضافت "كما تعلمون فإنها (باترسون) واحدة من أفضل سفرائنا فى العالم وأكثرهم احتراماً وخبرة".وتابعت وهى فى مصر لتمثيل السياسة الأمريكية وتطلعات الشعب الأمريكى بدعم مصر قوية وديمقراطية ومزدهرة
وكانت مجلة اكتوبر قد نشرت الغلاف مذيلا بالمقال التالي بعنوان : سفيرة جهنم التي تشعل النار في ميدان التحرير
من باب الأمانة المهنية أود أن أعترف بداية أن تعبير “سفيرة جهنم” ليس من تأليفى؛ لكننى اكتشفت أن الشباب على الإنترنت يتداولونه كوصف للسفيرة الأمريكية الجديدة بالقاهرة آن باترسون..!فما كتب عن السفيرة الأمريكية على الإنترنت أشبه بأفلام المغامرات الأمريكية.. أو فلنقل أفلام الرعب..فالدور الذى لعبته السفيرة فى البلدان والمواقع التى خدمت فيها يرتبط أكثر ما يرتبط بالمؤامرات وإثارة القلاقل والفتن.. حدث ذلك فى باكستان ومن قبلها كولومبياهناك وقائع خطيرة منشورة ترتبط بالاغتيالات وما شابه، لا نستطيع أن نتحدث عنها هنا، لأنها غير موثقة وبلا دليل.. لكنها فى مجملها مرعبة وتجعل السفيرة باترسون تستحق عن جدارة لقب «سفيرة جهنم»..!! وقد نشر موقع ويكليكس باللغة الإنجليزية عدة وثائق تدين السفيرة، تشير إلى أنها تسعى فى كل الدول التى تعمل بها لإقامة إعلام مواز يعتمد على الدعم الأمريكى لزعزعة الاستقرار وإحداث فوضى وبلبلة.ما يعنينا فى كل هذا أن السفيرة باترسون فرضت نفسها على واقع المشهد السياسى المصرى حتى قبل أن تطأ قدماها أرض مصر.. بتصريحها القنبلة الذى وقع كالصاعقة على كل القوى السياسية، والذى تؤكد فيه أنه تم إنفاق 40 مليون دولار منذ 25 يناير على منظمات المجتمع المدنى لنشر الديمقراطية على الطريقة الأمريكية فى مصر..وقد تناثرت العديد من الروايات عن حجم المبلغ الكامل المرصود لنشر الديمقراطية فى مصر، فمن قائل إنه 65 مليون دولار، ومن قائل إنه 105 ملايين دولار أو 360 مليون دولار، لكن ما هو موثق فى سجلات مجلس الشيوخ الأمريكى، حسب شهادة آن باترسون فى يونيو الماضى، هو مبلغ الـ 40 مليون دولار فقطلكن بعيداً عن حجم المبلغ.. فإن الحقيقة التى نخرج بها من كل هذا الكلام هى أن أمريكا تدفع فى الخفاء مبالغ لبعض منظمات المجتمع المدنى تحت دعوى هلامية اسمها نشر الديمقراطية..فواقعة الدفع ثابتة وموثقة، واعترفت بها السفيرة الأمريكية، وهذا الاعتراف الذى هو سيد الأدلة يعفينا من طرح بعض التساؤلات، لكن يدفعنا إلى طرح تساؤلات أخرى مهمة يجب أن نعرف الإجابة عنها: من الذى قبض..؟! وكيف..؟! وفيم أنفق هذه الأموال..؟!هذه بصراحة هى التساؤلات التى يجب أن تشغلنا من الآن فصاعداً، ليس لوأد محاولات إجهاض ثورة 25 يناير فقط،ولكن لهدف أعمق وأسمى وهو ضبط حركة المجتمع وتطهيره من الذين يعيثون فيه فساداً بأموال أمريكية ملوثة..!ومع تقديرى لكل الكُتّاب المحترمين، الذين تركوا الحمار وأمسكوا فى البردعة، كما يقول المثل الشعبى القديم، فقد هالهم أن يتهم عضو بالمجلس العسكرى حركة أو منظمة بتقاضى أموال، معترضين منذ البداية على فكرة تخوين أى طرف فى المجتمع، وكأننا فى مدينة أفلاطون الفاضلة؛ دون أن تستوقفهم واقعة أن هناك من قبض أموالاً أمريكية ملوثةوهو بصراحة كلام غريب فعلاً، فكلنا ضد مبدأ التخوين واتهام الناس بالباطل، ومع المبدأ القانونى والشرعى المعروف وهو أن البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، لكننا رغم ذلك كله نرى أن من حقنا أن نعرف من الذى قبض هذه الأموال..؟!إذا كنا جميعاً قد سخرنا من الصورة الكاريكاتيرية التى حاول النظام السابق ترويجها عن معتصمى التحرير وهى أنهم قلة مندسة أصحاب أجندات أجنبية.. يقبض الواحد منهم فى اليوم 50 دولاراً ووجبة كنتاكى، يعنى كله «أمريكانى» بالصلاة على النبى، إلا أننا لا يمكن أبداً أن نسخر من واقعة حقيقية اعترفت بها أمريكا نفسها وهى أنها مولت بعض المنظمات والجماعات من وراء ظهر الحكومة..!وقد يعتبر البعض أن انزعاجى لهذه الدرجة هو نوع من المبالغة غير المبررة، لكننى بصراحة أرى أن «الانزعاج» كلمة ظريفة لطيفة لا يمكنها أن تعبر عما أشعر به، وما يشعر به أى مصرى غيور على وطنه.. فالأموال التى دخلت جيوب البعض لم يأخذوها لوجه الله والوطن، أو ليقيموا بها موائد الرحمن لإفطار الغلابة والمساكين وأبناء السبيل فى شهر رمضان الكريم..!وبعيداً عن أحاديث التخوين والكلام الكبير إياه، أعتقد أن من حق الشعب أن يتأكد من التزام منظمات المجتمع المدنى بمعايير الشفافية فى الإعلان عن مصادر تمويلها، وفى أى وجه تنفق الأموال، وعليها أن تعلن ميزانياتها كل ستة أشهر فى صحيفة واحدة على الأقل.كما أن من حق الشعب أن تكشف الحكومة عن أسماء المنظمات التى قبضت أموالاً ملوثة من أمريكا ومن غير أمريكا.. كما أن من حقه أيضاً أن تتخذ الحكومة إجراءات رادعة ضد هذه المنظمات حتى نغلق أبواب جهنم التى تحاول السفيرة الأمريكية الجديدة «سفيرة جهنم» أن تفتحها على مصر بصفة عامة.. وعلى الثوار النبلاء فى ميدان التحرير بصفة خاصة

ليست هناك تعليقات: