ياسر حسن يكتب عن : أبو طارئ
غريبة البلد دي ، عجيبٌ أمرها منذ الفراعنة والبلد يحكمها قانون ما يسمي الطوارئ لا تتعجب فهذه هي الحقيقة، لك أن تتخيل أن مصر منذ سبعة آلاف سنة محكومة بأمر الطوارئ. رجعت إلى جداريات الفرعون الأكبر( أمن حتب الرابع-إخناتون1370ق.م) من الاسرة الثامنه عشر حيث كتب القدماء المصريون على جدرانهم" وأما المليك الأعظم ملكنا فقد خاف الغزاة الفاسدون، فأمهل الشعب عاماً ثم مالبس أن ذاع بيانه.. اليوم أمكننا النوم والعيش في طمأنينه وسلام ، بفرض حالة الطوارئ الذى سوف يحمى شعبنا وأهلنا، ولقد لبث هذا القرار107 عام كاملة من الطوارى ، ثم جاء( مون رع) من الاسرة الرابعة أحد الفراعنة الحاكمين ، وحتى لا يخرج الحكم من يديه همس اليه أحد الرهبان المقربين "إذا زال حكمك لن يرحمك أبناء عشيرتك وستلقى مصير (آب) الفرعون الأصغر ... ثم قرر بعد طول تفكير أن القرار المناسب فرض السيطرة من خلال الطوارئ خوفاً من أبناء العم والذين سيبطشون به ولقد قرر فك الطوارئ بعد 180 سنة من حكمه. وجاء رمسيس الثانى (مرى أن ) فى الاسرة التاسعة وقد مكث في الحكم الفرعوني مدةً طويلة أعلن خلالها وضع الدولة تحت إمارته طيلة 67 عاماً فارضاً خلالها قانون أزلي سيطر من خلاله على كل شيء بفضل قانون الطوارئ..والعجيب أنه طيلة أربعة آلاف عاماً لم يتكلم الشعب ولم يعترض ولم يستنكر هذا (الطارئ) الذى حكمهم. بل تتعجب أكثر أنهم استحسنوه وقبلوه واستطاعوا من خلاله أن يربحو ويتحركوا ويكتنزوا منه ، حيث صار الغنى فيه يزاداد سطوة وقوة وعنفوان، وأصبح التاجر مالكا والمالك حاكما والحاكم مسيطرا، بل و أصبح الفقير أشد فقراًُ وصل به الحال الى العبودية يأكل أقل مما تأكل القطة السيامي والببغاء البرازلية حتى أصبح يأكل لحم الحمار على أنه لحم ضأن ولحم الخنزير على أنه أفضل الأنواع (واهي ماشيه). ولكن تتعجب اذا ما تأملت هذا الشعب، بأنه فعل ذلك على نفسه وارتضى بهذا الهوان، إن المثل الذي ولدنا نسمعه (يافرعون إيه فرعنك) هذا المثل الصادق تحسه أكثر عند ركوب المواصلات باعلان السائق فرض زيادة عن التعريفة المقررة ، فيدفع ولا يعترض، وتجده عند شراء مواد البناء ويعلن التاجر أنه ارتفع طن الحديد والأسمنت ولا يتفوه بكلمة إعتراض ، بل يذهب في اليوم التالي ناصحاً غيره ، أن يشتري الآن لأنه سمع أنها ستزيد بعد اسبوع.. وهكذا. من سيء الى أسوأ وسلبية الى أكثر من ذلك في اللامبالاه برغم أنه معلوم عنه أنه (حامي الطباع) كما هو حال الشرقيين جميعاً. الى أنه في حال الرزق يخاف ويرتجف ويتسمر خوفاً من ضياع الوظيفة أو السكن أو العمل، وتراه يغمض عينه وينكمش ويتراجع كالمنسحب المهزوم ، ظناً منه أنه الخلاص لمشاكله، لكنه لو فكر ملياً لعلم أنه إذا وقف معترضاً مرة واحدة لتغيرت الدنيا ولأصبح حاله أحسن مما كان. (الخوف والسلبية والجبن ومليش دعوة) مرادفات للإنكسار والخضوع والهزيمة التى أصبحت حال الشعب كل يوم. إن تمديد القانون و طيلة استبداد دام 27 عاماً لشعبنا المصري لهو أشد قسوة من المحكوم عليه بالاعدام نفذ فيه سبعا وعشرين مرة وكل مرة يستيقظ فيجد نفسه محكوما عليه بالاعدام مرة تلو الأخرى. هذا النظام الذي ألغى الحرية والديمقراطية من قاموسه الإنساني الذي أقره المولى عز وجل، والذي قال عنه عمر (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً ). قادر على أن يصنع أكثر من ذلك فيه ، لم يفلح معه تنبيه أو إنذار أو معارضة، لم يفلح معه كلمة حق في وجه ظالم مستبد، لم ينفعه سجن المظلومين ، لم ينفع معه أي شيء ... أن يأكل ويلهو ويلعب وينام هو كفايته في هذه الدنيا ... أن ينام بداخل عشه يعلوها أطباق الدش وأن يتكلم في جهاز محمول تخطى الالف جنيه هو النعيم في نظره، أن يهزم الزمالك ويفوز الأهلى بالدرع هي حياته التى من أجلها قد خُلق.. هكذا نرى حالنا كما تعلمون. استيقظ يا شعب ، وتكلم وصح ، أين أنت من الإعراب!! لو سئلت ماذا ستيجب ، ماذا ستنطق!!. أما زلت تخدع نفسك وتمنى نفسك أن الخير سيأتي، ومن اين يأتي ما دمت بهذه السلبية . أخشى أن يطرق بابك يوماً رجل فتقول له من الطارق فيصيح بأعلى صوته أنا قانون الطوارئ ، فتبتسم وتفتح له بابك وترحب به كأنه مسافر منذ فترة ولم تقابله أخشى أن الألفه أصبحت بينكما كالزوج وزوجه والولد وأمه والخليل لخليله. اذا حدث ذلك فقل على الدنيا السلام أخشى أن نسمع يوما من يقول لك. شفت طارئ فتقول له شفته لمدة 27 سنة طوارئ. *لمزيد من المعلومات عن الفراعنة وقانون الطوارئ يرجع الى كتاب (الفراعنة ملوك ورثوا الارض ) للدكتور /واصف معوض واصف-باحث أثار مصرى
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق