الاسكندرية ..مدينة القتلى ترحب بكم




الإسكندرية .. مدينة القتلى ترحب بكم


بقلم:ياسر حسن

لا لم تعد عروس البحر المتوسط كما كانت ولاتقل أنها مازالت بحراً ونسمة هواء وكورنيشاً كنا نتسامر فيه مع الاصدقاء، ولكن قل أى شئ عدا أنها مازالت عروساً للبحر الابيض المتوسط. إن الاسكندرية الأن أصبحت على موعد كل شهر فى امور إستجدت على الشارع السكندرى .مدينة الخواجات واليونانين أصبحت مدينة القتل والسحل والهيروين. لا يخلو يوم إلا وقد فاجئتنا الإسكندرية بما هو جديد ،والجديد هنا ليس مؤتمراً عالمياً للاطباء أو ندوة فى مكتبة الاسكندؤية لعالم كبير، الجديد هنا الظاهرة التى أصبحنا نسمع عنها لحالات القتل ليلاً ونهاراً دون مراعاة للشعور كبيراً كان أو صغيراً.
لقد شهد العام الحالى سلسلة من حوادث القتل فى اقسام البوليس أو خارجها لابرياء اختلفت اعمالهم واعمارهم وطبيعتهم ولكن ما يدفعنى للحديث عن تلك الظاهرة والتى اختفت على ما يقرب من مائة عام بعد أحداث ريا وسكينة الشهيرة بالاسكندرية. لقد ادمن السكندرين الحديث عن القتيل التالى الذى ستستقبله المدينة هذا الشهر.
ان حوادث القتل والتعذيب التى حدثت فى الاسكندرية من إحدى عشر شهر لشاب فى الاربعين من عمره ذهب مع ابنته للمدرسة لكنه فوجئ بتتار من قوات الامن تهجم عليه وتوسعه ضرباً وسحلاً وتكسيراً للعظام وكأنهم كانوا ينتظرونه لينتقموا منه فحدث ولاحرج عن الذى اصابه من كسر فى الرقبة وشلل رباعى وفقدان لبصره إلى أخر القضية والتى عرفت وقتها بأحداث مدرسة الزهراء بالعجمى بات على اثرها بين الحياة والموت عامين وبين العلاج الطبيعى كذلك عامين ونجا من الموت باعجوعة وعندما تسئل عن الفاعل يقولفرد من قوات الامن أخطا وسوف ينال عقابه وبعدها لم نسمع بهذا العقاب ولا هذا الفرد الذى أذى روحاً بشرية اين ذهب .ولم يمر وقتاً كثيراً حتى قدم علينا خالد سعيد والذى نال من العقاب جانباً بالتعدى والسحل والضرب الذى افضى للموت بداخل قسم سيدى جابر حتى اطلقوا عليه السلخانه إسوة بالذى يحدث فى الابقار عند تذبح ورغم المحاكمة الصورية التى قدم اليها مخبريين سريين للحيلولة بحفظ ماء وجه الداخلية وجعل كبش الفداء لمخبريين من الاف المخبرين .ثم جاءات حادثة احمد شعبان الذى كانت لها نفس الملابسات من المخبرين والداخلية واقسام الشرطة وتحديداً سلخانة سيدى جابر أصبح الوضع مالوفاً عند الجمهور السكندرى من قُ اليوم قبل السؤال عن فوز أو هزيمة نادى الاتحاد السكندرى .فقد اصبح الامر مألوفاً وأصبحت الوكالات تؤجر مكاتب ثابتةً لها فى الاسندرية بانتظار القتيل الجديد بدلاً من الحادص السعيد.وكان أخر عنقود الداخلية وقتلاها الذين لم يعودوا يعرفوا من كثرتهم أصبح القتيل مصطفى عطية السيد إحدى تلك المهازل فى اقسام الشرطة والداخلية تسمع وترى ولاتتكلم عن هذا سوى نفى وعدم الخوض فى تلك الامور التى لا علاقة بها.
الناظر إلى ماسردته من احادث قتل تجد فيها عنصرين هامين مرتبطين بعضهما البعض القتيل فرد من المجتمع والقاتل كذلك فرد من المجتمع برغم الاول مثل ملايين الافراد الذين يذهبون يقتاتون قوت يومهم فى الصباح والثانى هو الذى يحمى ويحفظ الاول من التعرض للموت والسرقة والاعتداء.ولكن يبدوا فعلاً ان شعار الداخلية قد أنعكس بان الشرطة تقت الشعب بدلاً من شعار الشرطة فى خدمة الشعب!1
فحدث ولاحرج بعد الموت اتهامات للقتيل بانه تاجرمخدرات وسارق ومبدد ونصاب إلى اخر الوظائف الجاهزة التى دائماً تجدها عند ضباط الشرطة موضوعة خلفه بدلاً من لافته الصبر جميل.
وتناسوا حتى ولو كان فيه كل العبر وفيه كل الاجرام بأنه بشر من دم ولحم وعظام قد تهشمت وأصبحت فى عداد الرماد الذى لاتسئل عنه أين ذهب وأين سيدفن.

هل هذه مدينة الاسكندرية مدينة الهدوء والسحر والجمال ،هل هذه مدينة الاسكندرية ومنازل الخواجات ارمنى وتادرس ومينا بولس ومنزل سيد درويش ومكتبة الاسكندرية ،هل أصبحت الاسكندرية قبراً للداخلية تضع كل يوم قتيلاً جديداً إلى السابقين من ابناءها بدلاً من حمايتهم بعد طول عناء من العهمل.
لقد اصبحت شياغوا اكثر أمناً من الاسكندرية بعد أن قل عدد القتل والسرقة فيها 1.3 % بعد أن كانت 51.4% من حالات القتل والسرقة بالاكراه حسب تقرير البى بى سى.
إن حالة السخط والغضب الذى صّدرها الشعب السكندرى تنذر بتوابع جسيمه هكذا وأن حالة الغليان التى تشهدها الأن سوف ينتج عنه قتل متبادل على المدى القريب فمن قتل إلى قتل أصبح الغضب فى نقطة اللا عودة بين النظام والشعب .
بعد أن كنا نتباهى بالأسكندرية بأنها عروس البحر الأبيض المتوسط ، أصبحنا نبكى على حالها الذى مال إلى الشيخوخة فأصبحت عجوزاً ووضع علىأبوابها الإسكندرية ترحب بقتلكم كل شهر والجنازة من مسجد القائد إبراهيم ،تلغرافياً اقسام الشرطة بالاسكندرية.
لعلك تتسائل معى وما ذنب هؤلاء القتلى إذا ما كانت الضمائر غائبة وتفعل هى الجرم، وللسؤال إجابة واحدة هى إن الوطن الذى تنهار فيه الأخلاق و النفوس تأكد أن مستقبلها على صفيح ساخن ولا ترى له نور بعد ذلك.

ليست هناك تعليقات: