فرصتكم أيها المسلمين والأقباط أن تقدموا لمصر ما لم نقدم لأننا "زهقنا" " زهقنا" " زهقنا"


يخيم المشهد الكئيب للأحداث المؤسفة التي تمر بها مصر الآن على وجداني ولم أجد سلوى إلا كلمات الحاج احمد الحفناوي التي كان يخاطب من خلالها الشباب التونسي والتي انطبعت في ذاكرتنا جميعا.
حيث راح يقول لهم: "فرصتكم أيها الشباب التونسي أن تقدموا لتونس ما لم نقدم لها، لأننا هرمنا .. هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية".
ووجدتني أستعير الجملة منه لأوجه ندائي إلى مسلمي ومسيحيي مصر الذين ألقيت على عاتقهم مسئولية خطيرة في الحفاظ على بلدنا مصر وحمايتها من الاحتراق.
فما جرى في الأيام الأخيرة، وبالتحديد بعد 100 يوم على قيام ثورة 25 يناير المقدسة، بات المشهد السياسي والاجتماعي يستلزم أن يضطلع كل منا بأمانة احتضان مصر إلى قلبه وذلك ليس بترديد أغنية "لو بتحبوا البلد دي خلوا عيونكم عليها" فقط ولكن بأن نتحلى جميعا بالإيجابية البناءة والبعد عن السلبية الهادمة.
فليس كافيا أن نجلس حزانى و"نمصمص الشفاه" على ما تنجرف إليه مصر من جحيم الفتنة الطائفية وإنما يجب علينا أن نقوم بدور ملموس في التوعية للمؤامرة الشيطانية التي حيكت بإجرام وليس باقتدار ضد بلادنا لضمان إقحامها في أتون نار لن ينجو منها أحد.
وحتى لا يتهمنا أحد بالسوداوية والمغالاة في تصوير الواقع تعالوا نحسبها سويا.
فكم من جريمة شهدتها مصر مؤخرا تهدد بنسف الصرح الشامخ الذي بناه أولاد البلد في أقل من 20 يوما وبالتحديد خلال الفترة من 25 يناير، موعد اندلاع شرارة الثورة، وحتى 12 فبراير، يوم أن رحل رأس النظام الفاسد.
نعم لقد أذهلنا العالم بثورتنا البيضاء ونجحنا بأرواح الشهداء الأبرار في تقديم نموذج يحتذى بل ويدرس في أكبر قلاع الديمقراطية، وذلك في وقت قياسي وبخسائر أقل كثيرا مما يستتبع مثل هذه الثورات.

فهل من المعقول بعد هذا الدرس الحضاري الذي لقنناه للعالم في الوحدة الوطنية التي كانت تدفع المسيحيين لحماية إخوانهم المسلمين خلال صلواتهم وسكب ماء الوضوء لهم، فيما قام المسلمون بتأمين ظهر إخوانهم المسيحيين خلال قداسهم، أن تؤول بنا الأحوال لهذا الدرك الأسفل من الفتنة الطائفية.
وهل يقبل أحد أن تندلع تلك المواجهات الدامية في قرية أطفيح ومنشية ناصر وإمبابة وأسيوط وقنا، على النحو الذي يبعث السرور والبهجة في نفوس أعدائنا في الداخل ممن أسفوا على رحيل الفساد وفي الخارج الذين انزعجوا من يقظة المارد المصري؟

فمن منا لم يحزن لتحول ميدان عبد المنعم رياض من ملحمة "موقعة الجمل" إلى ساحة تراشق بين الشباب المسلم والمسيحي، وبعد تجمع أبناء الوطن الواحد في ميدان التحرير لإسقاط الفساد، بتنا نلجأ للسفارة الأمريكية لتنصر بعضنا على بعض.
لا يا إخواني هذه ليست مصر الجديدة الحرة القاهرة للطغاة، بل هي المكسورة المتفسخة التي تبقى عرضة لشائعة هنا أو حادثة هناك، وعلى الفور الكل يعد العدة ويشهر سيفه وخرطوشه ومولوتوفه ليقتل من؟ جاره وأخيه وشريكه في النصر.
أفيقوا يا مصريين قبل أن يأتي يوم نبكي فيه ولا ينفع البكاء، فأعود وأحذر مصر مهددة بنار لن تنجي ولن تذر، حراقة للبشر.. وربنا يستر!!

ليست هناك تعليقات: